تفسير سورة النساء ( 22 )
133 – ثمّ توعّد الله المنافقين بالهلاك إن لم يصلحوا أعمالهم وسرائرهم فقال (إِن يَشَأْ) الله (يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ) أي يهلككم بالموت والقتل إن لم تصلحوا أعمالكم وسرائركم وتنصروا نبيّكم (وَيَأْتِ) بقومٍ (بِآخَرِينَ) صالحين يحبّهم ويحبّونه (وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا) أي لم يزل ولا يزال قادراً على الإفناء والإبدال .
134 – ثمّ بيّن سبحانه بأنّ من يتّقِ الله ويعمل صالحاً يكسب ثواب الدارين أمّا في الدنيا فيكون له الصيت الحسن بين الناس والذكر الطيّب إلى يوم القيامة وأمّا في الآخرة فله الجنّة والنعيم فقال (مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) يعني فليتّقِ الله وليكسب الإثنين (وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا) لأقوالكم (بَصِيرًا) بأعمالكم فيجازيكم عليها بعد موتكم .
136 – أسلم جماعة من اليهود وهم عبد الله بن سلام وأسد وأسيد ابني كعب وثعلبة بن قيس وابن أخت عبد الله بن سلام ويامين ، وقالوا نؤمن بك يا محمّد وبكتابك وبموسى والتوراة ولا نؤمن بعيسى والإنجيل . فنزلت هذه الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ) بمحمّد (آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ) عيسى بن مريم (وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ) يعني الإنجيل (وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ) أي التوراة ، والمعنى آمنوا بجميع الكتب السماوية وجميع الرسل ولا تكفروا بواحدٍ منهم (وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) يعني يوم القيامة (فَقَدْ ضَلَّ) عن الحقّ (ضَلاَلاً بَعِيدًا) .
137 – تعاقد اليهود الذين هم حول المدينة مع مشركي مكّة بأن يتعاونوا على حرب محمّد ، فنزلت فيهم هذه الآية (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ) بِموسى (ثُمَّ كَفَرُواْ) وعبدوا العجل ثمّ ندموا (ثُمَّ آمَنُواْ) بِربّهم وحده (ثُمَّ كَفَرُواْ) وعبدوا البعليم (ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا) بِعبادتهم للأوثان والشعرى اليمانية وعشتاروث (لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) يوم القيامة كما يزعمون (وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) أي ولا يرشدهم إلى طريق الجنّة لأنّهم منافقون .
141 – ثمّ أخذ الله تعالى في ذمّ المنافقين وتقلّباتهم فقال (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ) أي ينتظرون بكم ما يتجدّد لكم من نصر أو إخفاق ، والخطاب للمسلمين (فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ) أي فإن اتّفق لكم فتح وظفر على الأعداء (قَالُواْ) أي قال المنافقون للمؤمنين (أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ) نجاهد عدوّكم ونغزو فأعطونا نصيباً من الغنيمة (وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ) بإصابتهم من المؤمنين (قَالُواْ) أي قال المنافقون للكافرين ، يعني لِمشركي مكّة (أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ) أي ألم نستولِ عليكم في الموضع الفلاني ولكن لم نقتلكم كي تنتصروا على المؤمنين (وَنَمْنَعْكُم) أي نحرسكم (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ) وسطوتِهم بأن نخبركم ونراسلكم بِما يريدون أن يفعلوه معكم كي تأخذوا الحذر منهم فلنا عليكم المنّة (فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ) أيّها المنافقون (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ويعاقبكم على أعمالكم هذه (وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) أي طريقاً للغلبة عليهم مهما أفشيتم أسراراً للمؤمنين ومهما خذلتم المسلمين .