سقوط مذنبات على الارض
قلنا أنّ كلّ جرم ساخن يكون جاذباً وكلّ جرم بارد يكون مجذوباً ، فالأرض اليوم جرم ساخن وإن كان وجهها بارداً ، ولكن لا تعدّ برودة وجهها شيئاً بالنسبة إلى حرارة جوفِها . وإنّ ذوات الذنب أجرام نارية ملتهبة فلا يكون بين الأرض وذوات الذنب تجاذب إلاّ قليلاً ، فمن المعلوم إذا برد جوف الأرض تكون عرضة لسقوط المذنّبات ، لأنّها تصبح جرماً بارداً ، والمذنّبات أجرام ملتهبة فكلّما طرق أحدها سماء الأرض ، فإنّه يهوي إليها ؛ لأنّ المذنّب يريد أن يجذب الأرض فلا يمكنه لأنّها أكبر منه فيسقط عليها . وهذا أكبر خطر وأشدّ عذاب لأهل الأرض في ذلك اليوم ، وسيهلك خلق كثير بسبب سقوط ذوات الذنب على الأرض .
قال الله تعالى في سورة النجم {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى . مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} فالنجم يريد بِها ذوات الذنب ، وقوله {إِذَا هَوَى} يعني إذا سقطت على الأرض . وقال تعالى في سورة الواقعة {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ . وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّو تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} وهذا قسم تهديد والمعنى : قسماً بذوات الذنب وقسماً بالمكان والزمان الذي تقع فيه ، وقوله {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّو تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} أي إنّه حادث عظيم الخطر وفاجعة مهلكة لو تعلمون ما يكون فيها من هلاك ودمار لأمنتم وتركتم عبادة الأوثان .
وقال عزّ من قائل في سورة الرحمن{وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} فالسجود هو الانقياد والسقوط على الأرض .
إضغط هنا ↓ لترى صورة الأشجار المتساقطة (بأعداد هائلة وبشكل مروحة) في تونگوسكا في سيبريا (عن ناسا)
http://antwrp.gsfc.nasa.gov/apod/ap071114.htmlوقال تعالى في سورة السجدة{فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} فالصاعقة نار تنزل من السماء . وقال تعالى في سورة الطور {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ . يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ} ، وقال تعالى في سورة الصافّات {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ . فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاء صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ } ، وقال تعالى في سورة هود{وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ} ، فقوله تعالى {لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} يعني لا يُصرف كما صُرف عن أهل نينوى ؛ لأنّ المذنّبات تسقط على الأرض في ذلك اليوم .
وقال عزّ وجلّ في سورة المرسلات {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ} أي طُمست في الأرض بعد أن تسقط عليها . وقال تعالى أيضاً {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ . الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} فالخنّس يريد بِها المذنّبات لأنّها تخنس عن أنظارنا اليوم أي تختفي ، وتُكنس قبل يوم القيامة في الأرض أي تلتجئ إليها وتختفي فيها ، فهي بعكس النيازك ؛ لأنّ النيازك تبقى فوق الأرض إذا سقطت عليها ، وأمّا المذنّبات فتختفي فيها لأنّها أجرام ناريّة ملتهبة . ويكون سقوطها على الجهة التي يكون فيها الليل سرمداً وعلى جهة الشفق أيضاً لأنّ هاتين الجهتين تكونان باردتين فيكون التجاذب بينهما وبين المذنّب أكثر من الجهة التي يكون فيها النهار سرمداً ؛ لأنّ الحرارة تسبّب تنافراً بين الأرض والمذنّب ، قال الله تعالى في سورة الانشقاق {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ . وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} ، أقسمَ الله تعالى بالليل السرمد الذي يكون عند وقوف الأرض عن دورتها المحورية وأقسمَ بالشفق وهي الجهة التي تكون ما بين الليل والنهار وذلك لسقوط ذوات عليهما .