السماء تمتلئ نار ودخان
قلنا فيما سبق أنّ الشمس تتشقّق يوم القيامة ، فمن المعلوم إذا تشقّقت تنبعث منها غازات عظيمة تملأ فضاء السيّارات ، وكذلك يخرج منها نار وسنان تملأ الأقطار ، وستصل النار إلى الأرض وباقي السيّارات فتصيب النفوس الباقية على الأرض ولا نجاة لَهم منها ، وذلك لأنّ الأرض وباقي السيّارات ستكون قريبة من الشمس حيث يبرد جوفهنّ كما مرّ بيانه . قال الله تعالى في سورة الدخان {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ . يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } . فالدخان ينبعث من الشمس حين تشقّقها ، وهو خليط من سبعة غازات . وقال تعالى في سورة الرحمن {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ} يعني من الشمس المتمزّقة {وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ} فالشواظ هو لَهب النار .
ومن ذلك قول أمية بن خلف يهجو حسّان :
يمانياً يظلّ يشدُّ كيراً وينفخ دائباً لَهَبَ الشواظِ
والنحاس هو اللابة والسوائل المنصهرة التي تخرج من الشمس بعد انفجارها . فالنحاس مذكّر لِنحس ، وجمع المؤنّث نحسات ، قال الله تعالى في سورة فصّلت {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ} . وقال الجحدي يصف فتاة :
تُضيء كضوء سراج السَّليط لم يجعل الله فيه نُحاساً
أي ليس في هذا السراج شيء نحس فليس فيه نار تحرق ولا دخان يزعج ولا رائحة كريهة . وأراد الشاعر بذلك مدح الفتاة فشبّهها بالسراج ، والمعنى : ليس فيها شيء نحس بل كلّها سُعود . وقال لبيد :
وَكَمْ فينا إذا ما المحلُ أبْدى نُحَاس القَوْمِ مِن سَمْحٍ هضُومِ